كتب: عبدالعال فتحي ـ علي عبدالجواد
ألقى الأستاذ عبدالحليم علام، نقيب محامي مصر ـ رئيس اتحاد المحامين العرب، كلمة في اجتماع المكتب الدائم للاتحاد بدورته الأولى لعام 2022، المقام في طرابلس/ لبنان، تحت شعار «من أجل تضامن عربي مع لبنان في أزمته ومواجهة أطماع العدو الصهيوني وعدوانه».
نص كلمة رئيس الاتحاد
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة الأستاذة / ماري تراز القوال، نقيبة المحامين بطرابلس ـ رئيس دوره المكتب الدائم.
السيد الأستاذ / ناضر كسبار، نقيب المحامين ببيروت.
السيد الأستاذ / المكاوي بنعيسى، الأمين العام لاتحاد المحامين العرب.
زملائي النقباء العرب.
زملائي الأمناء المساعدين، والأعضاء الأصليين والمنضمين؛ أعضاء المكتب الدائم.
السيد المستشار رئيس الاستئناف القاضي الأول لطرابلس.
معالي السيد وزير العدل الفلسطيني.
السيدات والسادة الحضور.
والسادة الضيوف الكرام.
تحية الحق والعروبة ..
إنه لمن دواعي الشرف والفخر والاعتزاز، أن يكون لقائي الأول بكم وكلمتي الأولى إليكم هــــنـــا على أرض لبنان العزيزة الغالية، والأثيرة على قلب كل عربي، وفى ضيافة نقابة محامي طرابلس الذين نشكرهم على حسن الاستقبال والتنظيم الرائع .
واسمحوا لي ان أنقل إليكم تحيات واحترام وتقدير المحامين المصريين لاتحادكم العظيم بوصفنا من أوائل المؤسسين والداعمين له، والحريصين عليه ككيان وبنيان يمثل المحامين العرب، كما أنني أهنئ زملائي النقباء العرب الذين حاذوا ثقة جمعياتهم العمومية ويمثلوها تمثلًا قانونيًا وشرعيًا كنقباء لبلادهم وأعضاء أصليين في الاتحاد، وهم:
الأستاذة / ماري تراز – نقيبة طرابلس.
الأستاذة / أحلام اللامي – نقيبة العراق.
الأستاذ / ناصر كسبار – نقيب بيروت.
الأستاذ / سهيل عاشور – نقيب فلسطين.
الأستاذ / حاتم مزيو – عميد تونس.
الأستاذ / عبد الرؤوف قمبيج – نقيب ليبيا.
الذين نتمنى لهم التوفيق والسداد والعمل معنا على وحدة الاتحاد واستعادة أمجاده، ولنـــفتــتــح معًا أعمال المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب تحت شعار «من أجل التضامن العربي مع لبنان في أزمته»، و«من أجل مواجهة أطماع العدو الصهيوني وعدوانه».
ولتكون الركيزة الأولى في هذه الدورة:
هي القيام بالتزامتنا نحو الأشقاء في لبنان الحبيب في وقت يشهد فيه تحديات كبيرة، وتتوالى عليه الأزماتُ من كل حدب وصوب؛ حيث يعيش لبنان لحظةً بالغة الصعوبة في تاريخه على كافة المستويات والأصعده – بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يحياها الشعب اللبناني الشقيق .
فكان واجبًا علينا أن نلتقي هنا من كل الأقطار العربية لنتضامن، ونتكاتف، ونتدارس مع الأشقاء في لبنان للبحث عن حلول واقعية للأزمة، تساهم في عودة الاستقرار والازدهار إلى لبنان الشقيق، ورفع المعاناة عن شعبه العظيم، لتعود لبنان كما كانت على مدار تاريخها البلد العربي الأصيل النبيل الآمن المضياف، الذى يعرف كيف يحفظ التوازنات الدقيقة بين أبناء الشعب الواحد ـ وإن تعددت أطيافه ـ ويحافظ على التناغم والتلاحم بين الشعب والجيش والمقاومة ليكونوا يدًا واحدة تبني الداخل، وتواجه أعداء الخارج .
ومن هنا. فإننا في اتحاد المحامين العرب نعلن كامل الدعم والتأييد – وكل التضامن مع نقابتي طرابلس وبيروت، في نضالهما من أجل حقوق كل مواطن لبناني، وفي الإجراءات المتخذة منهما في مواجهة الأزمة.
أما الركيزة الثانية :
فهي الهم الدائم، والشغل الشاغل، والجرح النازف.. فلسطين الحبيبة، فهي القضية المحورية لأمتنا العربية، فمن أجل استمرار قيام الاتحاد بواجبه نحو القضية الفلسطينية؛ التي هي في الحقيقة الركن الأساسي في بنيان هذا الاتحاد، وما يتعين علينا هذه المرة من بحث وتطوير السبل والآليات الفاعلة والحقيقية، التي تقوم على لغة الفعل والعمل الحقيقي، لا لغة الخطب والعنتريات الزائفة، والشعارات الجوفاء، وحتمية الانتقال من دائرة الشجب فقط، في كل ما يتعلق، بقضايانا القومية، والمصيرية المشتركة.
وإلى تقديم مساندة جادة، ودعم صادق للشعب الفلسطيني لمواصلة صموده، ومقاومته الباسلة في مواجهة الاحتلال الغاصب للأرض والحياة والهوية، ومد يد العون لرفع معاناة الشعب الفلسطيني، ودعم مشروعه النضالي، ونحو نيل حريته، وعودته إلى أراضيه، وتقرير مصيره، واسترداد كافة حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس العربية بهويتها الفلسطينية، الحاضنة للتراث الديني والتاريخي والروحي لكل المقدسات .
وفى هذا السياق، أتشرف بأن أنقل إليكم تحيات فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والذي يبذل جهودًا مخلصة وصادقة ، في دعم العمل العربي المشترك، وتأييد الحق الفلسطيني، فقد كان خطاب سيادته أمام قمة جدة الأخيرة دليلاً واضحًا على دعمه للقضية الفلسطينية، ووضعها في مكانها الطبيعي على رأس أولويات العمل العربي المشترك .
ولذلك أتوجه بالتحية إلى جميع القادة والملوك والرؤساء العرب، وأحيي وأثمن الجهود العربية عامة، والمصرية خاصة في إعاده إعمار غزة، ووقف العدوان الصهيوني عليها، والجهود الدؤوبة والمستمرة، الساعية إلى رأب الصدع الفلسطيني، والعمل على لم الشمل، وجمع كافة الفصائل تحت راية قيادته الوطنيه الفلسطينية .
السيدات والسادة، الحضور الكريم، لا يغيب عنكم أيضًا ما يحيط بأمتنا العربية بأسرها من الأزمات المتتالية، والتي تتصاعد حدتها، وحروب وصراعات إقليمية ودولية ألقت بظلالها على أمتنا العربية، وهددت استقرارها، وأمن شعوبها، والآن ننتظر ونترقب ونتطلع أن تكون القمة العربية المقبلة التي ستنعقد بالجزائر الشقيق، بلد المليون ونصف شهيد، نقطة انطلاق حقيقية نحو عمل عربي مشترك سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وأن تضع هذه القمة العربية، حدًا للخلافات العربية، وتعمل على تنقية الأجواء، وإنهاء كافة النزاعات بالطرق السلمية، وخلق آلية عربية فاعلة لفض النزاعات والصراعات والانقسامات التي تعاني منها أمتنا العربيه، وعلى الأخص في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والصومال، وإننا نطالب بإسمكم وباسم اتحاد المحامين العرب، أن تكون القمة العربية المقبلة على مستوى تطلعات وآمال الشعب العربي، وأن تعود سوريا لمقعدها في الجامعة العربية.
السيدات والسادة الحضور الكريم، اسمحوا لي أن أفتخر معكم بمسيرة هذا الاتحاد العظيم الذي اتخذ مقره بالقاهرة – قلب العروبة، وقدم أجيالاً عظيمة من الآباء المؤسسين، كان الأستاذ/ حسين جميل – أول أمين عام للاتحاد، مرورًا بالمرحوم الأستاذ / شفيق رشيدات، ثم المرحوم الأستاذ / فاروق أبو عيسى، والذين تواصَلَت من بينهم ومن بعدهم الأجيال، واستمر الاتحاد حتى اليوم، رافعًا رايات العمل المهني دعمًا وتطويرًا لرسالة المحاماة النبيلة، كما رفع رايات العمل القومى العروبي تمسكًا بحقوق الأمة العربية وشعبها العظيم، وتمسكًا بالتضامن بين الشعب العربي بمختلف أقطاره، لتحقيق ألاهداف المشتركة ودعم القضايا الوطنية .
السيدات والسادة، إننا نؤمن كل الإيمان بدور اتحاد المحامين العرب في الدفاع عن وحدة الأقطار العربية، واستقلالها، لذا ســـنبــقى مع ســوريـــا، ندافع عن وحدتها وندعمها قيادة وشعباً وجيشاً، وسندافع عن وحدة العراق الشقيق، رافضين كل مشاريع التقسيم أو التجزئة، وليبقى العراق بشعبه العظيم موحدًا مستقرًا.
وانطلاقًا من عروبيتنا فإننا ندافع عن وحدة ليبيا ووحدة شعبها، ولتبقى ثرواتها للشعب الليبى دون غيره، كذلك فإن اليمن السعيد يستحق أن نحفظ له وحدته ووحدة أراضيه، وأيضا نتمني أن يكون إنشاء اتحاد المغرب العربي سبيلاً حقيقيًا لحل قضية الصحراء الغربية، فإن الآمال كثيرة، والأحلام العربية متعددة، والحفاظ على الهوية العربية ضرورة حتمية لبقاء هذه الأمة، وبقاء شعبها، وتفعيل العمل العربي المشترك والتكامل والتضامن العربي، وصولاً للوحدة العربية بإذن الله .
هذا التاريخ العظيم يوجب علينا في اتحاد المحامين العرب عدم الالتفات إلى دعاة الفتنة والفرقة، الذين يحاولون خرق لوائح ونظم الاتحاد، واستخدامه لمواجهة مشكلاتهم الداخلية، مما يؤدي إلى هدم كيان الاتحاد وتمزيق أوصاله، بحثاً عن مصالحهم الشخصية الضيقة على حساب المصالح الوطنية والقومية .
ومن هذا المنطلق اسمحوا لي أن أوجه اليكم دعوتي ورسالتي الصادقة أن نــلــتــف جميعاً حول كيان الاتحاد في حب ووئام و تجرد، لننطلق معاً نحو آفاق جديدة من التعاون والعمل المشترك وفق آليات تستلهم الماضي، وتبني الحاضر بأدواته المعاصرة التي تنأى بالاتحاد عن الجمود، وتستشرق المستقبل برؤية جديدة ومعاصرة، مستندين في كل ذلك إلى قيم رسالتنا السامية، على نحو يلبي آمال و تطلعات كل المحامين العرب من المحيط الى الخليج، بما يستوجب تدعيم وتطوير أواصر العلاقات بين جميع النقابات العربية ونبذ الفرقه وتوحيد الصف، وتبادل العمل والخبرات، وأن نضع على رأس أولويات العمل المهني في اتحاد المحامين العرب خلال المرحلة المقبلة الاهتمام بالشباب وتأهيلهم وتدريبهم، ورفع مستواهم المهني والاجتماعي، وتحفيز طاقاتهم القانونية الإبداعية من خلال الدورات التدريبية والأبحاث والدراسات بالتعاون بين النقابات الأعضاء .
أما فى إطار تطوير مهنة المحاماة، يتعين علينا استكمال الجهود التي بدأت لتوحيد قوانين المحاماة على مستوى الوطن العربي، بحيث يتاح للمحامين العرب ممارسة المهنة في كل الأقطارالعربية، بديلًا عن شركات المحاماه الدولية والتي باتت خطرًا يؤرقنا، مع العمل على استكمال الجهود لتكوين نقابات، أو جمعيات مستقلة للمحامين في الدول العربية التي لم تتكون فيها بعد نقابات مستقلة، وذلك بالتواصل مع حكومات هذه الدول لإصدار قوانين للمحاماة تعطي لها الحق في الاستقلال الكامل، بعيدًا عن السلطة التنفيذية.
إن اتحاد المحامين العرب، سيظل يعمل على أن يبقى دومًا صوتًا صادقًا وأمينًا ينطلق من قيم المحاماة ورسالتها النبيلة، ويعمل على الحفاظ عليها وصونها وحمايتها وحماية أبنائها، وأن يعبر عن ضمير وطنه العربي، وقضاياه القومية العربية، ساعياً بكل طاقات وقدرات أبنائه إلى تحقيق أهدافه المهنية والقومية والإنسانية.
عاشت المحاماة رسالة كريمة في وطن كريم، وعاش اتحاد المحامين العرب حصناً للمحاماة وللأمة العربية، وعاشت فلسطين حرة عربية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نقيب محامي مصر
عبد الحليم علام
رئيس اتحاد المحامين العرب
المنشور كلمة رئيس اتحاد المحامين العرب الأستاذ عبد الحليم علام في اجتماع المكتب الدائم بدورته الأولى لعام 2022 ظهر لأول مرة نقابة المحامين المصرية.