كتب: علي عبدالجواد
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٩٢٨٤ لسنة ٨٨ قضائية، الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٤/١٣، أن انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل فى الدعوى ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التى تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب.
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة وإحراز نبات الحشيش المخدر بغير فصد من القصود المسماة في القانون وإحراز سلاح ناري غير مُششخن ” فرد خرطوش ” وذخيرة مما تستعمل عليه بدون ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح بما لا يصلح دفعه بعدم جدية التحريات لتجهيل مصدرها ، وإتخذ منها دليلاً أساسياً في قضائه بالإدانة رغم عدم صلاحيتها لذلك ، كما اطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما من النيابة العامة ، ودانه بحيازة وإحراز المخدر رغم عدم ضبطه معه وانتفاء سيطرته المادية عليه ، واطرح دفوعه بإنفراد ضابط الواقعة بالشهادة ، وعدم معقولية تصوير الواقعة وتلفيق الإتهام بما لا يصلح ، وتساند في قضائه بالإدانة إلى التحريات ثم عاد واطرحها في مقام تحديد القصد من الحيازة والإحراز ونفى توافر قصد الإتجار في حقه بما يصمه بالتناقض ، ولم تجر المحكمة تحقيقاً لدفاعه أو تسمع شهوده ، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، كما لا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو وسيلته في التحري، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن باالقبض والتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التى أوردتها ، وكانت المحكمة ـ فى الدعوى المطروحة ـ قد أطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لاعتبار الجانى حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتبارة كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – ما يكفى للدلالة على قيامه. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل فى الدعوى ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التى تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سليماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ذلك ، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن الحيازة كانت بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن النعي علي الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء ثمة تحقيق فيما يثيره بأسباب طعنه أو سماع شهود فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها ويكون منعاه غير سديد. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة:ــــــ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .
The post «النقض»: انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى appeared first on نقابة المحامين المصرية.