بقلم الأستاذ / أشرف الزهوي المحامي

تقع الأعمال الدرامية التي تتعلق بوقائع أو مشاهد من داخل المحكمة في أخطاء كثيرة تثبت بما لايدع مجالا للشك أن الأعمال الدرامية تحتاج إلى مراجع قانوني من خلال مستشار قانوني يقوم بضبط المشاهد لتحاكي مايحدث في الواقع العملي أمام المحكمة.

شاهدت بطريق الصدفة أحد المشاهد من مسلسل فاتن أمل حربي؛ وتضمن المشهد نظر جنحة تبديد منقولات الزوجية، كان الخطأ الأول بالنداء على الخصوم المدعية والمدعي عليه خلافًا للحقيقة من أن الخصوم هم المتهم والمجني عليها أو المدعية بالحق المدني.

خلت المرافعة من الدفاع الموضوعي المعتاد في مثل هذا النوع من القضايا، وخرج محامي المجني مبادرة ” مصر بلا غارمين” تهدف إلى إنقاذ هؤلاء الذين صدرت بحقهم أحكام بالحبس وأصبحوا قيد التنفيذ، لعدم قدرتهم على سداد المبالغ المستحقة في ذمتهم.

تحتاج هذه المبادرة إلى التكاتف المجتمعي من أجل القضاء عليها؛ البداية غالبًا تكون بلجوء الغارم أو الغارمة لشراء احتياجاته بالتقسيط مقابل تحرير شيكات أو إيصالات أمانة لصالح التاجر، ثم يعجز الغارم عن سداد الأقساط فيلجأ صاحب الدين الي تحريك جنحة خيانة أمانة أو شيك بدون رصيد، وغالبا مايحتاط التاجر عند تحرير الشيكات أو إيصالات الأمانة، بزيادة المبالغ المستحقة بسند الدين، لتغطية المصاريف وأتعاب المحامي والرسوم الخاصة بالإجراءات القضائية،حتى لايضطر إلى تحملها، فيعجز الغارم عن السداد بعد زيادة المبالغ المستحقة في ذمته مما يعرضه للحبس.

البداية الصحيحة لدعم المبادرة الرئاسية، هو تفعيل دور الجمعيات الأهلية بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعي في توفير آلية واضحة للراغبين في الحصول على السلع والخدمات بالتقسيط بحيث يتم اخذ الضمانات ومنح التسهيلات في السداد في حدود إمكانيات طالب التقسيط مع توفير نظام القروض الحسنة لغير القادرين على أن تكون الأولوية لحالات تزويج البنات اليتيمات وشراء الأثاثات والأجهزة الكهربائية.

كما يجب أن تشارك نقابة المحامين بدور فاعل في مساندة الغارمات والغارمين من خلال تطوع بعض المحامين للدفاع عن هؤلاء، مع مناشدة كل المحامين الذين يحصلون على أحكام بالحبس ضد الغارمين بالتنازل عن اتعابهم في مثل هذه الظروف التي يعجز فيها المتهم عن السداد، وأخيرا فإنني ادعو التجار وأصحاب الدين أن يسهموا في التخفيف عن الغارمين بتحصيل قيمة السلعة الفعلي دون ربح والله تعالى سيعوضهم عن صنيعهم.

أما الملاحظة المهمة التي يجب أن ننتبه لها ضرورة التفرقة بين الغارمين الذين يستحقون المساندة وهؤلاء الذين يستغلون المبادرة فيسارعون إلى توريط أنفسهم في مديونيات كبيرة رغم تبصرهم لعاقبة مايفعلون وقدرتهم على تفادي هذه الورطة بالتعامل في حدود امكاناتهم المادية.

مصر بدون غارمين مبادرة إنسانية رائعة تحتاج إلى ضوابط وتضحيات علينا أن نشارك فيها جميعا.

في المسلسل عن حدود الدفاع بطريقة ساذجة، كان دفاع المتهم بلا أدلة أو إثبات قانوني وكان دفاع الحاضر مع المتهم مجرد اقاويل مرسلة وتخرصات فارغة، وطلب اخيرا المحامي الحاضر التأجيل لعرض المنقولات.

إن خيال الكاتب أو سياق العمل الفني يمكن أن يخرج عن الواقع ويصل إلى حد الخيال وهذا مايحدث في كثير من الأعمال الدرامية، ولكن إذا كانت المشاهد من داخل محراب القضاء وفي ساحات المحاكم، أثناء حضور جلسات المحاكمة فإن نجاح العمل الدرامي يعتمد على تصوير الواقع الذي يحدث داخل أروقة المحاكم وفي سرايا النيابات.

الثقافة القانونية ترسخ لدى المجتمع حالة من الوعي والفهم بابعاد المنظومة القضائية عند التعامل مع القضايا سواء في مجال الأحوال الشخصية أو في عموم المجالات الأخرى.

نحتاج إلى وضع ضوابط عند تصوير مشاهد من داخل صروح العدالة في المحاكم والنيابات لتقديمها في الأعمال الدرامية مع اخذ الموافقة على التصوير للمشاهد والحوارات المتعلقة بنظر القضايا داخل الأعمال الدرامية، من الجهات المختصة، فلو أن اللقطات التي يتم عرضها من داخل المحكمة في مسلسل فاتن امل حربي قد تم مراجعتها بمعرفة محام قبل تصويرها وعرضها فإن ذلك سبمثل احترام لعقلية المشاهد وتأصيل للحقائق وهو ما نتمنى تداركه في الأعمال الدرامية القادمة.

The post أخطاء قانونية في الأعمال الدرامية appeared first on نقابة المحامين المصرية.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x